تبدو الأنظمة البيئية من حولنا وكأنها لا تتغير، إلا أنها دائمة التغير، بعض التغيرات تحدث بشكل سريع أو مفاجئ، وبعضها يحدث ببطء شديد لدرجة يصعب معها ملاحظتها. وقد تهدد هذه التغيرات بقاء المخلوقات الحية. ما الذي يسبب تغير الأنظمة البيئية ؟
البراكين والأعاصير والأمطار ظواهر أو كوارث تحدث في الطبيعة تغير الأنظمة البيئية؛ فقد تملأ البراكين واديا بالرماد وقد يدمر الإعصار الشواطئ، وقد تسبب شدة هطول الأمطار انزلاقات أرضية تحول التلال إلى أنهار من الطمي والطين، كما يؤدي عدم هطول الأمطار إلى الجفاف، وفي هذه الظواهر آیات كونية يذكر الله بها عباده، كما جاء في آيات الذكر الحكيم. قَالَ تَعَالَى: ( وَمَا تُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَحْرِيفًا ) ونتيجة لهذه التغيرات يحتاج النظام البيئي إلى فترات زمنية طويلة ليستعيد وضعه.
المخلوقات الحية أيضا قد تغير الأنظمة البيئية. فمثلا عندما تهاجم أسراب الجراد النباتات فإنها تقضي عليها، وعندما تتجمع أسراب الجراد للبحث عن د تصل أعدادها إلى ٥٠ مليون جرادة، ويأكل الجراد جميع النباتات الغذاء فقدته التي يصادفها في طريقه، ويترك المجتمع الحيوي في النظام الـ البيئي دون غذاء. بعض المخلوقات الحية قد تكون مفيدة للنظام البيئي؛ فعندما تتحرك التماسيح تحدث ممرات وحفرا في الأرض الرطبة، سرعان ما تمتلئ بالماء. وفي وقت الجفاف ينقذ الماء المختزن في هذه الحفر والفجوات حياة التماسيح والطيور وحيوانات أخرى.
تلجأ جميع المخلوقات الحية ومنها الإنسان للتكيف وهو سمة مميزة للكائنات الحية، وتساعد الإنسان على البقاء والتغلب على كافة الظروف والأحوال البيئية المختلفة .فقد استطاع الإنسان التكيف مع الفصول الأربعة رغم أن درجة حرارة الجسم ثابتة وذلك بارتداء الملابس المناسبة واستخدام أجهزة التبريد والتدفئة وبناء المنازل العازلة للحرارة. كما يمكن للإنسان التكيف مع درجات الحرارة والرطوبة المختلفة من خلال زيادة كمية الأكسجين داخل الجسم بالتنفس العميق في أثناء ممارسة . الأنشطة الجسمية المختلفة كالرياضة.
أما الغدد العرقية و الطبقات الدهنية في الجلد وتساعد على تنظيم درجة حرارة الجسم، فعندما تكون درجة الحرارة الخارجية مرتفعة تفرز تلك الغدد العرق الذي يبرد الجسم بعد تبخره ، أما عندما تكون درجة الحرارة الخارجية منخفضة فتعمل الطبقات الدهنية في الجلد كعازل لمنع خروج الحرارة من الجسم .
قال تعالى : ( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادِ وَبَوَاكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَلَنْحِنُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَأَذْكُرُوا وَالَاءَ اللَّهِ وَلَا تمنوا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) الإنسان شأنه شأن بقية المخلوقات الحية، يغير في الأنظمة البيئية المحيطة به. بعض هذه التغيرات ضار وبعضها مفيد.
يقطع الإنسان الأشجار لبناء البيوت وصناعة الأثاث وغيرها من الصناعات الأخرى. ويقطع الأشجار يقضي الإنسان على مواطن المخلوقات الحية التي تعيش في الغابات، ويدمر مساكتها مصادر غذائها.
يحتاج الناس إلى أماكن للعيش والعمل. وكلما ازداد عدد الناس ازدادت الحاجة إلى المصادر التي يستعملونها، فيصبح الحصول على المكان والماء صعبا. وعندما يعيش عدد كبير من الناس في منطقة محددة، يقال إن هناك اكتظاظا سكانيا. وقد يحدث هذا مع أي نوع من المخلوقات الحية.
الغازات المنبعثة من السيارات والشاحنات والمصانع تلوث الهواء الذي نستنشقه . التَّلوثُ هو إضافة أشياء ضارةٍ إلى الماء أو الهواء أو التربة، ومن أشكاله رمي الفضلات. ويمكن للتلوث أن يقضي على النباتات والحيوانات في النظام البيئي.
هل يمكن حماية النظام البيئي من تلك الأضرار التي يسببها له الإنسان ؟ يمكن ذلك عندما يقلل الناس استعمال سياراتهم، أو يستعملونَ السَّيَّارات الحديثة المطورة، أو عند معالجة الفضلات للتخلص من المواد الضَّارَّةِ. كما يمكننا أيضًا المساعدة على حماية النظام البيئي عندما نزرع أشجارًا جديدة، أو نعمل على إعادة تدوير الزجاج، والأوراق والبلاستيك، وترشيد استهلاك الما ء
أتخيل سلوك بعض الحيوانات إذا اندلع حريق، وامتدت السنة اللهب بين الأشجار، وانتشرت رائحة الحريق في الغابة. الغزال يحرك رأسه ليستنشق الهواء، وتدخل المخلوقات الحية في الغابة في صراع من أجل البقاء. فكيف تبقى النباتات والحيوانات على قيد الحياة؟
وهب الله لبعض المخلوقات القدرة على الاستمرار في الحياة عندما يتغير النظام البيئي؛ فقد تغير من سلوكها أو مساكنها، والمواءمة هي استجابة الحيوان للتغير الحادث في بيئته. غالبا ما تدمر الحرائق مصدر الغذاء الرئيس في الغابات، مما يضطر بعض الحيوانات - ومنها الغزلان إلى أن تغير نوع غذائها؛ فقد تأكل لحاء الأشجار بدل الأوراق. وبعضها الآخر قد يتَّخِذُ من نباتات أو من مواد جديدة مسكنا له.
ليست جميع المخلوقات الحية قادرة على التعايش مع التغيرات في الأنظمة البيئية؛ لذا يلجأ بعضها إلى تغيير مسكنه، والبحث عن مصدر جديد للغذاء والماء، وعن مسكن مناسب. قد يستغرب البعض أن حدوث الحرائق أحيانا يكون مفيدا للغابات ومخلوقات أخرى؛ فهو يجبر بعض الحيوانات على الرحيل فتحصل المخلوقات الحية المتبقية في الغابة على احتياجاتها بوفرة، فلا تحتاج إلى التنافس فيما بينها من أجل البقاء.
إذا لم تتكيف المخلوقات الحية مع تغيرات بيئاتها، ولم تحصل على حاجاتها من الغذاء والمأوى فسوف تموت، وقد يختفي نوع تماما، ويصبح من الأنواع المنقرضة. وقد عرف العلماء أنواعا كثيرة من المخلوقات الحية التي كانت تعيش على سطح الأرض، ثم انقرضت منذ ملايين السنين، وذلك عن طريق دراسة الأحافير، أي دراسة بقايا وآثار هذه المخلوقات التي عثر عليها في الصخور. وتعد الأنواع الحية ذات الأعداد القليلة المتبقية في أي نظام بيئي أنواع مهددة بالانقراض. والنباتات والحيوانات المهددة بالانقراض قد تصبح أنواع - منقرضة مع مرور الزمن إذا لم تلق الحماية - المناسبة. بالانقراض هو اختفاء أو عدم وجود أفراد النوع كلها . وتمتاز المملكة العربية السعودية بتنوع المخلوقات الحية، وبعض هذه الأنواع مهددة بالانقراض ومنها طائر الحباري؛ لتعرضه للصيد الجائر، وكذلك النمر العربي الذي كان يطلق عليها الفهد الصياد.
يُلاحظ أن الأنظمة البيئية تتأثر بتغيرات متنوعة ومتعددة، سواء كانت طبيعية أم ناتجة عن تدخلات الإنسان. الظواهر الطبيعية مثل البراكين والأعاصير قد تؤدي إلى تغييرات سريعة وكبيرة في البيئة، في حين يمكن للمخلوقات الحية أيضًا أن تلعب دورًا في تعديل الأنظمة البيئية.
الإنسان، بما لديه من تأثير كبير على البيئة، يمكنه التكيف مع التغيرات وحتى تسبُّبها. الاهتمام بحماية النظام البيئي وتحسين السلوك البيئي يمكن أن يساهم في الحفاظ على توازن الطبيعة.
0 التعليقات
{{ comment.user.name }}
{{ comment.created_at }}
{{ comment.comment }}
{{ reply.user.name }}
{{ reply.created_at }}
{{ reply.comment }}
أضف تعليق